رحلة الإنسان عبر الزمان: لماذا نشأت القصص؟
منذ فجر التاريخ احترف الإنسان الأول رواية القصة بشكلها البدائي الأوّلي (طبعا قبل اختراع اللغة) عن طريق نقش الرموز على الأسطح إما لنقل رسائل تنبّه عن خطر محتمل، تسجيل يوميّات ومذكّرات مهمّة، لغرض التسلية والمتعة، أو تخليد حي للمشاعر والذكريات الثمينة لتبقى محفورة في ذاكرة القرية تتوارثها الأجيال. ومع تطوّر الإنسان بيولوجيا أصبح لديه قدرات وإمكانيّات متفوّقة على نسخته الأولى وأدرك أن لديه سحره الخاص: قوة العاطفة ومحرّكة الخيال.
وفي وقتنا الحالي يبدو إنه ما تغير كثير مفهوم القصّة عن السابق، ما زلنا نستخدم القصص الواقعية والحكايات الحالمة والأساطير الخياليّة كعملة لغوية غير رمزية للتواصل مع الآخرين وتوطيد علاقاتنا بهم. نبحث في قصصهم عن أوجه الشبه بيننا والألفة في تجاربنا المختلفة.
استثارة العاطفة أم ترجيح المنطق؟
احنا رواة قصص بالفطرة، عشان تقدر تتفاعل مع هذه القصص كصاحب مشروع وتجذب فئتك المستهدفة لعلامتك التجارية، ضروري يكون عندك مَلَكة التعاطف. جرّد عميلك من عبء الكماليات لإنه بالمقام الأول هو شبهك في إنسانيته وتفكيره وأحلامه.
تَذكُر القاعدة الخامسة من كتاب “The 7 habits of highly effective people”:
“Seek First to Understand Then to Be Understood.”
عليك فهم احتياجاته ورغباته أولا، سحر السرد القصصي يكمن في قدرتك على التأثير وخلق وإيصال المشاعر لعميلك من خلال خدمتك أو منتجك. فن معادلة القصّة هو نسج حبكة روائية إبداعية ترسم رؤية جديدة للمستقبل، في عالم مختلف عميلك هو يكون البطل اللي حقق حلمه بعد تحديّات عديدة وعلامتك التجارية هي المرشد له في هذه الرحلة.
“A good story makes you feel something and is universal. They want to grasp your values and your commitment to excellence; be inspired and intrigued. Storytelling is the most powerful way to convey these ideas.” ~Mark Truby,
Vice President of Communications, Ford Motor Company
كيفما فكّرت، فكّر العكس: السرد القصصي في التسويق
حملة “Think Different” التي أطلقتها شركة Apple في عام 1997 تُعتبر واحدة من أشهر الحملات التسويقية اللي استخدمت السرد القصصي بشكل مميز. جات الحملة في وقت كانت الشركة بحاجة إلى إعادة إحياء علامتها التجارية بعد فترة من التراجع. الحملة التسويقية تكوّنت من سلسلة من الإعلانات التلفزيونية والمطبوعة تحتفل بالشخصيات الشهيرة اللي تحدوا الوضع الراهن وأثروا في العالم بطرق غير تقليدية. من بين هذه الشخصيات كان: ألبرت أينشتاين، ومارتن لوثر كينغ جونيور، وجون لينون، وتوماس إديسون، ومحمد علي كلاي، وغيرهم من الملهمين والمفكرين.
تحليل نقاط قوة السرد القصصي في الحملة:
- التركيز على الأشخاص المبدعين: الحملة استخدمت قصص حقيقية لأشخاص أثروا في العالم بطرق مبتكرة. هذا أعطى الحملة مصداقية وقوة عاطفية لأنها تربط بين هذه الشخصيات الملهمة وعلامة Apple.
- رسالة قوية وبسيطة: الشعار “Think Different” يحمل رسالة قوية تدعو الناس للتفكير بطرق جديدة وغير تقليدية. هذه الرسالة تتماشى تماماً مع فلسفة Apple في الابتكار والإبداع.
- الاحتفاء بالتفرد: الحملة كرمت الأشخاص المؤثرين اللي يفكرون ويعملون بشكل مختلف، مما يعزز فكرة أن Apple هي العلامة التجارية للأشخاص الذين يسعون للتميز والتفرد.
- البعد العاطفي: السرد القصصي في الحملة ما كان مجرد معلومات، بل كان يحمل بعدًا عاطفيًا قويًا. الإعلانات كانت تلهم وتشجع الناس على الابتكار وتحدي المألوف.
- التواصل مع الجمهور: من خلال عرض شخصيات يعرفها الجمهور ويقدرها، استطاعت الحملة أن تبني جسرًا من التواصل العاطفي مع المشاهدين. الناس يشعرون بالارتباط والفخر لما يشوفون شخصياتهم المفضلة تتماشى مع رسالة الحملة.
ايش نتائج هذه الحملة؟
بفضل قوة السرد القصصي، أصبحت “Think Different” واحدة من أكثر الحملات التسويقية تأثيرًا في التاريخ الحديث.الحملة أعادت إحياء العلامة التجارية وساعدت في تمهيد الطريق للنجاحات اللاحقة مثل إطلاق iMac وiPod وiPhone.
” People dont buy what you do,
they buy why you do it.”
-Simon Sinek
ما هي قصّتك؟
عشان تعرف قصتك الخاصة، اسأل نفسك: ليش بدأت شركتك؟ وش القيم اللي تؤمن بها؟ وش التأثير اللي تبي تحققه في حياة عملائك؟ اجمع هالأفكار وصغها في قصة تبرز من وين بدأت، وش التحديات اللي واجهتها، وكيف تميزت في مجالك. هالقصة هي اللي بتجذب الناس لك وتبني رابط عاطفي معهم.