التسويق الشفهي على طريقة البقرة البنفسجيّة

فبراير 16, 2024
  • حماس العميل هو الدّليل

هل تستطيع تصور لون السعادة؟ ماذا عن ملمس الخوف؟ وشكل الحماس؟ هذه التمارين الفعّالة في مجال علم النفس تساعدك على فهم الشعور اللي تمر فيه في اللحظات الصعبة. يؤكد الخبراء النفسيون أن الخطوة الأولى نحو التشافي تكمن في تسمية الشعور بمسمّاه الصحيح. وفي كتابها “أطلس القلب” تشير المؤلفة والباحثة في مجال الصحة النفسية Brene Brown إلى خطورة الخلط بين الشعور بالحماس والقلق:  

“Anxiety and excitement feel the same, but how we interpret and label them can determine how we experience them.”

مشيرة بذلك إلى أن طريقة تعاملنا مع الشعور تؤثر بشكل كبير على طريقة عيشنا وتجاربنا بشكل عام.

لكن ماذا يعني الشعور بالحماس؟ لما نكون بمواجهة موقف مثير أو مربك يفرز الدماغ هرمون الأدرينالين وهو المسؤول الأول والمباشر عن إحساسنا بالطاقة والاندفاعية. تأثير الأدرينالين ينتج عنّه تركيز أكبر، نشعر بقوّة تحفيزية، وتحسّن ذاكرتنا بحيث نتذكّر التفاصيل بشكل أفضل. عند إفراز هذا الهرمون نشعر وقتها بالفضول الشديد والتعلّق المفاجئ لمعرفة ما إذا استطاع البطل هزيمة عدوّه اللدود وإنقاذ صديقه أو ما إذا تم اختيارنا من بين ألوف المشاركين  للفوز في مسابقة اليانصيب بمبلغ مليون دولار. مثل هذه الأمثلة تحصل لنا بشكل يومي دون أن ندرك إننا نكون في قمّة حماسنا واحنا نشارك هذه الأخبار مع دوائرنا الاجتماعية المقرّبة من الأهل والأصدقاء والمعارف. هرمون الأدرينالين يدفعنا نروي القصص اللي نعيشها لأقرب الناس لنا بطريقة غير مباشرة تصبح هذه القصص كمحطّات تسويقية مصغّرة للعديد من العلامات التجارية والمشاريع. تسمى هذه الظاهرة بـ«The Word Of Mouth» أي التسويق الشفهي.

تعريف التسويق الشفهي

التسويق الشفهي باختصار هو لما تسمع عن افتتاح مطعم جديد في الحي، تزوره وتعيش تجربة استثنائية تتجاوز توقعاتك، ثم تتحمّس تشارك تجربتك بتغريدة على تويتر، أو لما صديقك يستخدم منتج بطريقة جديدة ويستمتع فيه لدرجة إنه يغث كل معارفه عنه. من أهم عناصر نجاح هذه الطريقة في التسويق هي تخطيط العلامة التجارية بإنها تكون جزء من محادثة عفوية تحدث بين عملائها. مثل المحادثات الطبيعية، والتقييمات، والمراجعات ما تقدر تشتريها أو تموّل لها بشكل حرفي. وهذا السبب ليش التسويق الشفهي له سمعة إيجابية: لأنه إعلان يصير غالبًا بدون أي نوع من الترويج المباشر أو الأساليب المزعجة.

“نتفليكس اند تشيل” هي حملة تسويقية ذكيّة أطلقتها شركة نتفليكس التي خطّطت وروّجت لهذه العبارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وصارت ترند كبير وناجح بشكل هائل، يجسّد هذا المثال حقيقة التسويق الشفهي ومدى قوّة تأثيره على المستهلك.

 

أهمية التسويق الشفهي:
  1. المصداقية والثقة: لما ينصحك أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة بمنتج معين، غالبًا تثق في رأيهم أكثر من الإعلانات التجارية. هذه التوصيات عادةً تكون مبنية على تجربة شخصية، وهالشيء يعزز مصداقيتها.
  2. التكلفة المنخفضة: مقارنة بالطرق التقليدية للتسويق، التسويق الشفهي يعتبر منخفض التكلفة. الشركات ما تحتاج تستثمر بشكل كبير لبدء هذا النوع من التسويق، لأنه يعتمد بشكل أساسي على العملاء الحاليين.
  3. الانتشار السريع: التوصيات الشفهية سريعة الانتشار، خصوصًا في العصر الرقمي. التوصية ممكن توصل لعدد كبير من الناس عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
  4. بناء الولاء: لما ينصح العملاء بمنتج أو خدمة، هذا عادة يدل على رضاهم عنه، وهذا يعزز ولاءهم للعلامة التجارية. العملاء اللي يستقبلون التوصيات يكونون أكثر استعدادًا للالتزام بالعلامة التجارية إذا كانت التوصية إيجابية.
  5. التأثير العاطفي: التوصيات الشفهية غالبًا تكون مرتبطة بتجارب عاطفية. إذا كان العميل مر بتجربة إيجابية مع منتج معين، غالبًا ما يشاركها مع الآخرين بحماس، وهذا الشيء يؤثر إيجابيًا على الناس اللي يستقبلون التوصية.
تعلّم من البقرة البنفسجية

أظهرت الدراسات أن 28٪ من المستهلكين يفضلون اكتشاف أحدث الصيحات في الفاشن أو عن المنتجات اللي صارت ترند عن طريق الأصدقاء والمعارف. لكن السؤال هو: وش اللي يحتاجه البراند عشان يخلي العملاء يتكلمون عنه وينشرون تجربتهم؟

 

 في صباح يوم مشمس على الساحل الفرنسي، يقود سيث غودن سيارته مع عائلته، ويمرّون بحقول خضراء واسعه على مد النظر، يلمحون أبقار بنّية جميلة ومسالمة ترعى العشب على طول الطريق، تنعكس أشعة الشمس على لونها البنّي وكانوا منبهرين بجمال المنظر.

لكن ما طال الوقت إلا وبدت الأبقار البنية تتشابه وكلها صارت ما تفرق عن بعضها.

يقول سيث غودن في كتابه “The Purple Cow”:

“The opposite of remarkable is very good.”

 

الناس يتكلمون عن المنتجات أو الخدمات اللي تكون استثنائية، واللي يكون عامل الانبهار فيها هو الأساس. عشان تخلي الناس ينبهرون بعلامتك التجارية أو منتجك أو خدمتك، لازم تكون ملفت للنظر بشكل كافي لدرجة إنهم يحسون بإلزام أخلاقي إنهم يشاركون تجربتهم مع الآخرين.

لما تكون “جيد جدًا”، فأنت بعيد كل البعد عن اللافت للنظر. يمكن السبب هو أنك ما أخذت المخاطر اللازمة عشان يلاحظون منتجك بشكل كافي. فكيف تصير لافت للنظر بحيث تخلي الناس يتكلمون عنك؟ بأنك تصير “البقرة البنفسجية”. إذا كنت تمشي مع القطيع، فأنت مجرد بقرة بنية، وحتى لو كان لونك مختلف شوي أو كنت أجمل لون بني موجود، فأنت ما زلت بنّي غير مرئي.

 

هنا بعض الخطوات العملية لتصبح علامتك التجارية بقرة بنفسجية ملفتة للنظر:

١- خذ المخاطرة بالتغيير

٢- قيس مدى نجاحك وأدائك وتطوّرك

٣- خذ المخاطرة مرة أخرى

يمكن تحس إن أخذ المخاطر فيه مخاطرة، لكن عدم أخذ المخاطر هو وصفة للبقاء بقرة بنية. تذكّر هذه المقولة:

“الالتزام بالأمان هو مخاطرة”

لذلك، إذا كنت تبغى علامتك التجارية تبرز وتكون محور حديث الناس، لازم تكون مستعد تأخذ المخاطر اللازمة.

التسويق الشفهي يبدأ من تجربة غير تقليدية تلفت الانتباه وتدفع الناس للحديث عنها بكل شغف. لا تخاف من التجديد والابتكار، لأن النجاح الحقيقي يكمن في القدرة على الخروج من دائرة الأمان والجرأة في تقديم شيء جديد. في النهاية، الهدف هو أن تكون “البقرة البنفسجية” اللي ما يقدر أحد يتجاهلها، وتخلي اسمك في أذهان الناس وفي أحاديثهم اليومية.